المس الطائف
وهذا النوع من المس يحدث أثناء النوم ، فتتسلط الأرواح الخبيثة على الإنسان لفترة بسيطة قد تستغرق دقائق ، ومثال على ذلك ما يحصل للبعض من كوابيس وجاثوم ونحوه ، ولا بد للمعالج من تحري تلك المسألة بشكل دقيق ، لأن الأعراض قد تكون ناتجة في بعض الأحيان عن أسباب طبية بحتة كما سوف يتضح من خلال بحث هذا النوع .
ما هو المس الطائف (الجاثوم) ؟
الجاثوم بمعنى الكابوس و قال ابن منظور :
وقال أيضا : ( الجثام والجاثوم : الكابوس يجثم على الإنسان ، وهو الديثاني 0 التهذيب : ويقال للذي يقع على الإنسان وهو نائم جاثوم وجثم وجثمه ورازم وركاب وجثامة ، قال : وهو هذا النجت الذي يقع على النائم ) ( لسان العرب – 12 / 83 ) 0
وقال – أيضاً - :
والكابوس : ما يقع على النائم بالليل ، ويقال : هو مقدمة الصرع ، قال بعض اللغويين : ولا أحسبه عربيا إنما هو النِّيدلان ، وهو الباروك ، والجاثوم .
" لسان العرب " ( 6 / 190 ) .
كثيرا ً ما نسمع عن " الجاثوم " وأنه من جني يجثم أو يقبض على صدر الإنسان حين يكون تاركاًً لفروضه ولعباداته كالصلاة أو غيرها ومن الممكن أن يكون " الجاثوم " بأسباب عضوية أو مادية ، بسبب تأثير الطعام أوماشابه
أو الدواء أو قد يكون كما ذكرنا سلفا من تسلط الجن ، ويكون علاج الأول بالحجامة والفصد وتخفيف الطعام وغيرها ، ويكون علاج الثاني بالقرآن والأذكار والرقية الشرعية .
قال ابن سينا في كتابه الطبي " القانون " :
" فصل في الكابوس ":
يسمى بالعربية الجاثوم ، والنيدلان .الكابوس يشعر به الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه ، ويعصره ويضيق نفسه ، فينقطع صوته وحركته ، ويكاد يختنق لانسداد المسام ، وإذا تقضى عنه انتبه دفعة ، وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث : إما الصرع ، وإما السكتة ، وإما المانيا ؛ وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ، ولم يكن من أسباب أخرى غير مادية .
وهكذا يقول الأطباء المعاصرون ، فقد قسَّم الدكتور حسَّان شمسي باشا الكوابيس إلى قسمين : الكوابيس العارضة ، والكوابيس المتكررة ، وجعل الأول لأسباب مادية ، والثاني بسبب تسلط الجن .
وقال في كتابه " النوم والأرق والأحلام " :
1- الكوابيس العارضة :
تحدث لسببين :
أ- تحيز بخارات في مجرى النفس تتراقى إلى الدماغ أو تنصب منه دفعة عند الدخول في النوم ؛ فيحس المصاب بثقل في الحركة والكلام أو احساس بالفزع ، وهو مقدمة الصرع العضوي ، ويحدث أيضا عند التعرض للضغط النفسي .
ب- تعاطي أدوية يمكن أن تسبب الكوابيس وهي :
1. الرزربين .
2. حصرات بيتا .
3. ليفودبا .
4. مضادات الهمود .
5. بعد التوقف عن استعمال الأدوية المهدئة ، كالفاليوم .
2- الكوابيس المتكررة : وهذا النوع من الكوابيس يدل على تسلط وإيذاء الأرواح الخبيثة للإنسان .
والخلاصة : أن الجاثوم هو الكابوس ، وليس هو خرافة ولا أسطورة ، بل هو حقيقة واقعة ، وقد يكون لسبب مادىأو تسلط الجن على الانسان .
يقول الله تعالى في سورة الأعراف: وَإِماّ يَنَزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنّ الّذِينَ اتّقَواْ إِذَا مَسّهُمْ طَائِفٌ مّنَ الشّيْطَانِ تَذَكّرُواْ فَإِذَا هُم مّبْصِرُونَ{ وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون :} ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ السّيّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رّبّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشّياطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبّ أَن يَحْضُرُون{ وقال تعالى في سورة فصلت :} وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ * وَإِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ .
.
يقول ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر وتركوا ما عنه زجر أنهم إذا مسهم أي أصابهم طيف وقرأ الاخرون طائف وقد جاء فيه حديث وهما قراءتان مشهورتان فقيل بمعنى واحد وقيل بينهما فرق ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ومنهم من فسره بالهم بالذنب ومنهم من فسره بإصابة الذنب وقوله تذكروا أي عقاب الله وجزيل ثوابه ووعده ووعيده فتابوا وأنابوا واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب " فإذا هم مبصرون" أي قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق